سورة البقرة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{الذين آتيناهم الكتاب} يعني: مؤمني اليهود {يتلونه حق تلاوته} يقرؤونه كما أُنزل ولا يُحرِّفونه، ويتَّبعونه حقَّ اتِّباعه.


{وإذا ابتلى إبراهيم ربُّه} اختبره: أَيْ: عامله معاملة المُختبِر {بكلماتٍ} هي عشر خصالٍ: خمسٌ في الرأس، وهي: الفرق، والمضمضة، والاستنشاق، والسِّواك، وقصُّ الشَّارب، وخمسٌ في الجسد، وهي: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، والاستنجاء، ونتف الرُّفغين {فأتمهنَّ} أدَّاهنَّ تامَّاتٍ غير ناقصات {قال} الله تعالى: {إني جاعلك للناس إماماً} يقتدي بك الصَّالحون. فقال إبراهيم: {ومِنْ ذريتي} أَيْ: ومن أولادي أيضاً فاجعل أئمةً يُقتدى بهم، فقال الله عزَّ وجلَّ {لا ينال عهدي الظالمين} يريد: مَنْ كان من ولدك ظالماً لا يكون إماماً، ومعنى: {عهدي} أَيْ: نُبوَّتي.
{وإذ جعلنا البيت} يعني: الكعبة {مثابةً للناس} معاداً يعودون إليه لا يقضون منه وطراً، كلَّما انصرفوا اشتاقوا إليه {وأَمْناً} أَيْ: مؤمناً، وكانت العرب يرى الرَّجل منهم قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرَّض له، وأمَّا اليوم فلا يُهاج الجاني إذا التجأ إليه عند أهل العراق، وعند الشافعيِّ: الأولى أن لا يُهاج، فإنْ أُخيف بإقامة الحدِّ عليه جاز. وقد قال كثيرٌ من المفسرين: مَنْ شاء آمن، ومَنْ شاء لم يُؤمن، كما أنَّه لمَّا جعله مثابةً، مَنْ شاء ثاب، ومَنْ شاء لم يثب. {واتَّخذوا} أَيْ: النَّاس {من مقام إبراهيم} وهو الحجر الذي يُعرف بمقام إبراهيم، وهو موضع قدميه {مصلَّى} وهو أنَّه تُسنُّ الصَّلاة خلف المقام، قُرئ على هذا الوجه على الخبر، وقرئ بالكسر على الأمر. {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل} أمرناهما وأوصينا إليهما {أنْ طهِّرا بيتي} من الأوثان والرِّيَب {للطائفين} حوله، وهم النزائع إليه من آفاق الأرض {والعاكفين} أي: المقيمين فيه، وهم سكان الحرم {والركع} جمع راكع و{السجود} جمع ساجد؛ مثله: قاعد وقعود.
{وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا} أَيْ: هذا المكان وهذا الموضع {بلداً} مسكناً {آمناً} أَيْ: ذا أمنٍ لا يُصاد طيره، ولا يُقطع شجره ولا يُقتل فيه أهله. {وارزق أهله من الثمرات} أنواع حمل الشَّجر {مَنْ آمن منهم بالله واليوم الآخر} خَصَّ إبراهيم عليه السلام بطلب الرزق المؤمنين. قال تعالى: {وَمَنْ كفر فأمتعه قليلاً} فسأرزقه إلى منتهى أجله {ثمَّ أضطره} أُلجئه في الآخرة {إلى عذاب النار وبئس المصير} هي.
{وإذ يرفع إبراهيم القواعد} أصول الأساس {من البيت وإسماعيل} ويقولان: {ربنا تقبلْ منَّا} تقرُّبنا إليك ببناء هذا البيت {إنك أنت السميع} لدعائنا {العليمُ} بما في قلوبنا.


{ربنا واجعلنا مسلمين لك} مُطيعين مُنقادين لحكمك {ومن ذريتنا أمة} جماعةً {مسلمة لك} وهم المهاجرون والأنصار والتَّابعون بإحسان {وأرنا مناسكنا} عرّفنا مُتَعبَّداتنا.
{ربنا وابعث فيهم} في الأمَّة المسلمة {رسولاً منهم} يريد: محمَّداً صلى الله عليه وسلم {يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة} أَي: القرآن {ويزكيهم} ويُطهِّرهم من الشِّرك {إنك أنت العزيز} الغالب القويُّ الذي لا يعجزه شيءٌ، ومضى تفسير الحكيم.
{ومَنْ يرغب عن ملة إبراهيم} أَيْ: وما يرغب عنها ولا يتركها {إلاَّ مَنْ سفه نفسه} أَيْ: جهلها بأَنْ لم يعلم أنَّها مخلوقةٌ لله تعالى يجب عليها عبادة خالقها {ولقد اصطفيناه في الدُّنيا} اخترناه للرِّسالة {وإنه في الآخرة لمن الصالحين} أَيْ: من الأنبياء.
{إذ قال له ربه أسلم} أخلص دينك لله سبحانه بالتَّوحيد، وقيل: أسلم نفسك إلى الله {قال أسلمت} بقلبي ولساني وجوارحي {لرب العالمين}.
{ووصَّى بها} أَيْ: أمر بالملَّة، وقيل: بكلمة الإِخلاص {إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيَّ} أراد: أَنْ يا بنيَّ {إنَّ الله اصطفى لكم الدين} أَي: الإِسلام دين الحَنيِفيَّة {فلا تموتن إلاَّ وأنتم مسلمون} أَي: الزموا الإِسلام حتى إذا أدرككم الموت صادفكم عليه.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14